Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
أكتب لأزعج
11 mars 2013

واقعة بلقصيري، أسباب العنف ودلالالته

توالت عمليات الانتحار في صفوف رجال الشرطة، حيث بدأنا نألف سماع أو قراءة خبر وضع شرطي حدا لحياته، هنا أو هناك، وهي عمليات توحدها بشكل عام استعمال سلاحهم الوظيفي...

عملية مشرع بلقصيري كانت مزدوجة، عنف ضد الزملاء أودى بحياة أربعة منهم، ومحاولة انتحار الجاني قبل أن ينجح الزملاء المتبقون على الحياة في اعتقاله وإنقاذ حياته...

لا شك أن الوضع سيكون مقلقا للساهرين على أمننا، وهم يحاولون مقاربة الظاهرة في شكلها الشمولي وفي محاولة البحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تفشيها بهذه الصورة الخطيرة... إذ لا يمكن الاستكانة لما ينشر في الجرائد والبلاغات الرسمية، كون المنتحر كان يعيش اضطرابات نفسية، أو أنه كان يعيش مشاكل مادية وضائقة مالية...

بل يجب ربما الرجوع للنظر بمجهر دقيق في ذات المؤسسة الأمنية، والبحث بموضوعية وتجرد عما يعتمل في مطبخها من أسباب تدفع بعض رجالاتها إلى هذا الحد من اليأس الذي ينفجر انتحاراً وعنفاً ضد زملاءهم...

إذ لا يخفى على أحد النظام الصارم المطبوع بالكثير من التعسف الذي يسود هذه المؤسسة، حين تضاف إليها ضغوطات العمل المتمثل في ساعاته الطويلة وغيرها، يصبح مجال العمل مفرزا لكل أسباب الإرهاق واليأس...

ما يجب الانتباه إليه هو ما تسرب من أخبار، كون الشرطي المنتحر سبق له أن احتج على إقصاءه من دورية المراقبة المثبتة على مشارف المدينة... وهو إن كان احتجاج غير مشروع، لأنه يدخل في صميم عمل رؤساءه، الذي يحق لهم إعادة انتشاره بما يرونه مناسبا للسهر على أمن المواطنين، إلا أنه يخفي في طياته ما يروج عن الفساد الذي ينخر هذه المؤسسة والذي يجد صداه فيما بتداوله المواطنون، بشكل جدي أو مزاحا في النكت التي يروونها، حول تعرضهم لابتزاز هنا أو هناك وكيف دفعوا رشاوي هنا أو هناك لبعض العناصر من الشرطة اثر مخالفات قانونية أو في مساطر قضائية..

لا يمكن إخفاء المجهود الذي قامت به الدولة في تحسين وضعية رجل الشرطة، إذ أنها عمدت إلى تعميم زيادات في أجورهم وصلت في بعض الحالات إلى ضعف ما كان يتقاضونه، لكن الإدارة بالمقابل لم تواكب تحسين الأجر المادي هذا بتأهيل نفسي وثقافي، يرمي إلى تكوين جيل جديد من الشرطة يعي جيدا شروط ممارسته لمهنته واكراهاتها، كما يقطع مع عقلية الشرطي العدو للمواطن والذي لن يتوان في ابتزازه كلما سنحت له فرصة ذلك...

على واقعة مشرع بلقصيري أن تدفع الساهرين على هذه المؤسسة للتفكير في شكل جديد لحكامتها، وأن يضعوا صوب أعينهم التأهيل النفسي لعناصرها بما يسمح بخلق شروط جديدة في العمل، يشعر فيها الشرطي بإنسانيته أولا، وبإنسانية المهنة التي يزاولها... قد يكون ذلك صعبا بالنظر للظروف التي تعيشها البلاد من جهة، الأزمة الاقتصادية ونوع من الانفلات الأمني الذي تعرفه بعض المناطق السوداء هنا وهناك... دون إغفال ما ترتب على انعدام تربية المواطن على ثقافة الواجب التي كان يجب أن تصاحب تطور مؤشر احترام حقوق الإنسان من سلوكيات وممارسات عدوانية اتجاه رجال الأمن في حد ذاتهم...

لكل ذلك علاقة بالخط السياسي العام الذي نهجته الدولة، حين استثنت المؤسسة الأمنية من حركية التحديث التي عرفها المجتمع في بعض مؤسساته، واحتكرتها لوحدها في شكل تصريف الكثير من المفاهيم الجديدة للحكامة بالشكل الذي يخدم الدولة لا غير، وهو ما أثر بشكل سلبي على نفسية العاملين فيها من جهة، وصورتها لدى الرأي العام من جهة أخرى...

 

 

Publicité
Publicité
Commentaires
أكتب لأزعج
Publicité
Archives
Publicité